في معنى الآية الكريمة “إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ”

تعهد اللهُ تعالى بني آدمَ بالرعايةِ فكتب على نفسه أن يُعَرِّفهم بما يتعين عليهم القيام به حتى يكونوا سعداءَ في الدنيا والآخرة. فالله تعالى ما كان ليخلُق الإنسانَ ويذرَه وحيداً دون أن يمُد إليه “يدَ الهداية” إلى سبيل الرشاد. فالإنسان عاجزٌ وحدَه عن أن يتبيَّن أن له إلهاً هو الله عجزَه عن التمَكُن من تحديد ما يريده منه الله. وفي هذا ما فيه من دحضٍ وتفنيدٍ لمزاعمِ أولئك الذين عظَّموا العقلَ وبالغوا في تقديرِ قدراته وصولاً إلى الزعم بأن هذا العقل قادرٌ وحده على أن يبرهن على أن للوجود إلهاً هو الله وعلى أن مراد الله من الإنسان هو هذا وذاك من المفردات التي خُيلَ إليهم أنها تكفي الإنسانَ إن هو التزم بها، تعبداً وتقوى، لتصلَ به إلى بر الأمان!!!
ولو أن هؤلاء المعظمين للعقل، والمبالغين في تقدير قابلياته، تدبروا القرآن لتبين لهم أن الهداية إلى الله أمرٌ اختص الله تعالى به نفسَه. “فاللهُ هو الهادي ولا هاديَ إلا الله”. ولذلك قال الله تعالى في قرآنه العظيم: (إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَىٰ) (12 الليل).
فالهدى هنا هو كلُ ما تعهد الله تعالى أن يبيِّنه للإنسان مما يتوجبُ على الإنسانِ أن يقوم به ويمتثل له حتى يرضى عنه. ولذلك كان حقاً على اللهِ تعالى أن يُرسلَ المرسلين مبشرين ومنذرين وأن يُنزل إليهم رسالاته وأن يؤيدهم بآياته ومعجزاته. فهذا كلُه مما يقتضيه الأمرُ حتى يكون الله تعالى هو الهادي الذي تفرَّدَ بتبيانِ هذا الذي يتوجبُ على الإنسانِ القيامُ به إذا ما هو أرادَ أن يختار الطريقَ الذي فيه خيرُه وصلاحُه وسعادتُه في الدنيا وفوزُه وسعادتُه ونجاتُه في الآخرة. 

أضف تعليق