يُصِرُّ كثيرٌ ممن يقرأون القرآنَ العظيم بتعجُّلٍ على أنَّ هذا القرآن يُشيرُ إلى الإنسان والحيوان بكلمة “دابة”. ويجدُ هؤلاءِ ما يتذرعون به حجةً تؤيدُ دعواهم هذه في الآيتين الكريمتين: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) (61 النحل)، و(وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيرًا) (45 فاطر).
فهؤلاء يظنون أن لولا إمهالُ الله الناسَ إلى أجلٍ مسمى، فإنه كان سيُبيدُهم عن بكرةِ أبيهم فلا يترك منهم على الأرضِ من دابة! وهذا ما لا تقصدُ إليه هاتان الآيتانِ الكريمتان على الإطلاق. فاللهُ تعالى يذكرُ في هاتين الآيتين الكريمتين واحداً فحسب من سيناريوهاتٍ إلهية عديدة يتحقَّقُ بمقتضاها زوالُ الجنس البشري برمَّته عن وجه الأرض. والسيناريو الذي ورد في هاتين الآيتين الكريمتين هو ذاك الذي يتحقَّقُ بموجبهِ هلاكُ الجنس البشري بعد أن يأذنَ اللهُ باختفاءِ كلِّ ما على الأرض من حيوانٍ، وتنهارُ تبعاً لذلك “السلسلةُ الغذائية” التي يتكفَّلُ دوامُ بقائها بديمومةِ الجنس البشري.
