في معنى قَولِ اللهِ تعالى “وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَابًا مِّنَ السَّمَاء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ”

كشفَ لنا القرآنُ العظيم النقابَ عن جملةٍ من الحقائقِ ما كان لنا لولاه أن نحيطَ بها. ومن بين هذه “الحقائق القرآنية” أنَّ للسماءِ “أبواباً” لا تُفتَّحُ إلا بأمرِ اللهِ تعالى. لنتدبَّر الآياتِ الكريمةَ التالية: (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ. فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ. فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ) (9- 11 القمر). فاللهُ تعالى هو الذي فتحَ “أبوابَ السماء” بهذا الماءِ الذي ما كان بمقدورِ أحدٍ أن يوقِفَ هطولَه إلا الله: (وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (44 هود). فلولا أنَّ اللهَ تعالى قالَ للسماءِ “أقلِعي” لبقيَ المطرُ ينهمرُ دونما توقف.
وإذا كان هذا هو حالُ السماءِ وأبوابِها في هذه الحياةِ الدنيا، فإنَّ للسماءِ يومَ القيامةِ أبواباً هي أبوابُ الجنةِ، والتي لن تُفتَّحَ هي الأخرى إلا بأمرِ اللهِ تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا لَا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُجْرِمِينَ) (40 الأعراف).
وأبوابُ جنةِ الآخرة هي ليست وحدَها التي لا يملكُ أحدٌ إلا اللهُ تعالى مفاتيحَها. فاللهُ تعالى سيفتحُ السماءَ يومَ القيامة فيجعلُ فيها سبلاً وطُرُقاً للملائكةِ يعرجونُ فيها وينزلونَ منها إلى الأرض: (يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا. وَفُتِحَتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ أَبْوَابًا) (18- 19 النبأ).
ونقرأُ في سورة الحِجر، وفي الآيتَين الكريمتَين 14- 15 منها، قولَ اللهِ تعالى: (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُون). يبيِّنُ لنا تدبُّرُ هاتين الآيتَين الكريمتَين أنَّ اللهَ تعالى حتى وإن فتحَ في السماءِ باباً (طريقاً) يُمكِّنُ المشركين من أن “يصَّعدوا” في السماء و”يعرجوا” فيها، فيكونَ بمقدورِهم عندها أن يرَوا من آياتِها، فإنهم لن يقولوا إلا: “إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُون”، وهو ذاتُ ما كانوا يقولونه كلما سمعوا آياتِ القرآنِ وهي تُتلى عليهم: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (من 43 سورة سبأ).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s