
نقرأُ في سورةِ المائدة، وفي الآياتِ الكريمة ١١٢- ١١٥ منها، قولَ اللهِ تعالى: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ. قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ. قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيرُ الرَّازِقِينَ. قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، أنَّه يحقُّ لنا أن نُسمِيَ المائدةَ التي أنزلَها اللهُ تعالى على سيدِنا عيسى والحواريين “مائدةَ الله”، وذلك لذاتِ الأسبابِ التي تجعلُنا مُحقِّين في إطلاقِ تسميةِ “ناقةِ الله” على الناقةِ التي أخرجَها اللهُ تعالى من ذاتِ الصخر الذي كان قومُ سيدِنا صالح ينحتونَ منه ما ينحتون. فقومُ سيدِنا صالح كانوا قد تحدوه إذ طالبوه بأن يأتيَ بآيةٍ من اللهِ تبرهنُ على أنَّه مرسَلٌ من الله حقاً، فكان لهم ما أرادوا: (قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ. مَا أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنَا فَأْتِ بِآيَةٍ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ) (153- 155 الشعراء). فاللهُ تعالى خلقَ من صخرِ الجبالِ التي كانوا ينحتون منها بيوتاً فارهين ناقةً خلقاً لحظياً مباشراً هو العلةُ من وراءِ تسميتِه لها “ناقةَ الله”: (وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (73 الأعراف).