
نقرأُ في سورةِ هود، وفي الآيتَين الكريمتَين 103- 104 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ. وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ). فما هو معنى “الأجَل المعدود”؟
“الأجَل” في القرآنِ العظيم هو “الأَمَد”، والذي هو “المدة من الزمان التي يتحقَّقُ بانقضائِها ما هو مأجول”. لنتدبَّر الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ) (من 29 القَصَص).
2- (قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) (28 القصَص).
3- (وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ) (104 هود).
و”الأجَل” في القرآنِ العظيم، إذ هو مُحدَّدٌ بِمدةٍ من الزمانِ بِعَينِها، فإنه مأجولٌ بانقضائها الذي سبقَ وأن حدَّدَه اللهُ تعالى يومَ خلقَ السمواتِ والأرض. ولذلك سمَّى اللهُ تعالى هذه المدةَ من الزمانِ بـ “أجَلٍ مسمى”:
1- (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ) (2 الأنعام).
2- (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى) (من 2 الرعد).
3- (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى) (129 طه).
و”الأجَل المسمى”، إذ هو “أجَلٌ معدود”، فإنَّه بذلك مُقدَّرٌ ومحسوبٌ بمقدارٍ معيَّنٍ عيَّنَه اللهُ تعالى وحدَّده، وذلك كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآيةِ الكريمة 8 من سورةِ الرعد (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ). ويتبيَّنُ لنا ذلك جَلياً بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية:
1- (وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً) (من 80 البقرة).
2- (وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلَا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ) (8 هود).
3- (وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ) (من 20 يوسف).
يتبيَّنُ لنا إذاً، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أنَّ اللهَ تعالى قد جعلَ ليومِ القيامةِ “أجلاً معدوداً” مسمَّىً لا يستقدِمُ عنه ولا يستأخر.