
لاقترابِ الساعةِ في القرآنِ العظيم علامات. ومن هذه العلاماتِ ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية:
1- (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) (1 القمر).
2- (فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ) (10 الدُّخان).
3- (وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ) (82 النمل).
وعلاماتُ اقترابِ الساعةِ في القرآنِ العظيم هي “أشراطُ الساعة”، والتي وردَ ذكرُها في القرآنِ العظيم مرةً واحدةً وذلك في الآية الكريمة 18 من سورةِ محمد: (فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا).
ومن علاماتِ اقترابِ الساعةِ التي أنبأنا بها القرآنُ العظيم ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية، والتي يَرِدُ فيها ذِكرُ “يأجوج ومأجوج”:
1- (قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا. قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا. آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا. فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا. قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا. وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا) (94- 99 الكهف).
2- (حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ. وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ) (96- 97 الأنبياء).
ولقد اختلفَ المفسِّرون في “يأجوج ومأجوج” اختلافاً بوسعِ مَن يُريدُ الاستزادةَ أن يتبيَّنَ مَداه، وذلك بتدبُّرِ ما ذهب إليهِ هؤلاءِ المفسرون بشأنِ أصلِ “يأجوج ومأجوج” وما كان وما سيكونُ من أمرِهم. غيرَ أنَّ تدبُّرَ ما جاءتنا به سورةُ الكهفِ وسورةُ الأنبياء أعلاه بشأن “يأجوج ومأجوج” كفيلٌ بأن يُبيِّنَ بعضاً مما لا ينبغي أن نغفلَ عنهُ من أمرِهم. فإذا كان اللهُ تعالى قد أخذَ على السوادِ الأعظمِ من “شياطينِ الجِن” العهدَ بألا يقرَبوا بَني آدمَ إلا بِنيَّةِ الهَمزِ والنَّزغِ والإضلالِ وتزيينِ السيِّءِ من الأعمال، فإنَّه قد استثنى من هذا السوادِ الأعظمِ طائفةً لم يأخذ عليهم هذا العهد. ولذلك كان لـ “يأجوجَ ومأجوج” أن يُفسدوا في الأرضِ إفساداً ما كان لينجوَ من وبيلِ غوائلِه القومُ الذين استنجدوا بـ “ذي القرنين” لولا أنَّه شيَّدَ لهم حاجزاً من حديدٍ ونحاس سدَّ به بإذنِ اللهِ تعالى فوهةَ الكهفِ الذي سيظلون محتجزين داخلَه حتى يأذنَ اللهُ تعالى له بأن يُصبِحَ دَكاءَ فلا يعودُ بعدَها بمقدورِه أن يحولَ دونَ خروجِهم ليعيثوا في الأرضِ كلِّها دماراً وفساداً، وليكونَ ذلك علامةً من علاماتِ اقترابِ الساعة.