
نقرأُ في سورةِ الطلاق، وفي الآيتين الكريمتين 2- 3 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ). فكيفَ السبيلُ إلى أن يتَّقِيَ المرءُ اللهَ تعالى تُقاةً تجعلُه مُؤهَّلاً لأن “يجعلَ اللهُ له مخرجاً ويرزقَه من حيث لا يحتسب”؟
يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ونتدبَّرَ قولَ اللهِ تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ) (من 1 الطلاق). فلزومُ حدودِ الله يقتضي من المرءِ أن يقدِرَها حقَّ قدرِها فلا يعتديها ولا يتعدَّاها: (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا) (من 187 البقرة)، (تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا) (من 229 البقرة). وهذا أمرٌ جَلَلٌ لا يقوى عليهِ إلا مَن دخلَ الإيمانُ في قلبِه فكان بذلك من الذين قدَروا اللهَ حقَّ قدرِه واتَّقوه حقَّ تُقاتِه.
فتقوى اللهِ حقَّ تُقاتِه إذاً هي التي تُلزِمُ المرءَ حدودَه فتجعلُهُ يجتهدُ ألا يقربَ حدودَ اللهِ ناهيك عن أن يتعدَّاها، وبذلك يُصبحُ أهلاً لأن “يجعلَ اللهُ له مخرجاً ويرزقَه من حيث لا يحتسب”.