
“الإنظارُ” هو الإمهال حتى يجيءَ الأجَل. واللهُ تعالى أنظَرَ من خَلقِهِ مَن يشاء حتى يجيءَ الأجلُ المحتوم بمجيءِ يومِ القيامة. ومن “المُنظَرين” مَن عرَّفَنا بهم قرآنُ اللهِ العظيم.
فمِن “المُنظَرين” الملائكةُ الذين أنظرَهم اللهُ تعالى حتى يومِ الوقتِ المعلوم. ولذلك قالَ اللهُ تعالى في الملائكةِ ما يُستدلُّ بهِ على أنَّهم “مُنظَرون” فلا يجري عليهم بالتالي ما يُجريِه اللهُ تعالى على مَن سلَّطَ عليهم يدَ القدَر فعجَّلَ آجالَهم دون إنظارٍ وإمهال: (مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ) (8 الحِجر). فاللهُ تعالى جعلَ آيةَ كَونِ الملائكةِ من “عبادِهِ المُنظَرين” هي أنَّهم لا يُنزِلُهم من السماءِ إلى الأرض، ليقضوا ما كلَّفهم به من أمورٍ ومهام، إلا بالحقِّ الذي بمقتضاهُ دبَّرَ أمرَهم وكان لهم بذلك ما كفلَ لهم أن يستعصوا على يدِ القدَرِ بإذنِه فلا تطالَهم إلى يومِ الوقتِ المعلوم.
ومن “المُنظَرين” إبليسُ الذي استجازَ اللهَ تعالى أن يؤجِّلَ عذابَه حتى يُبعثَ الناسُ ليومِ الحساب: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ. قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ. إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ) (79- 81 القَصَص).
وفي المقابل نجدُ قوماً ظنوا أنَّه يحقُّ لهم أن يسألوا اللهَ تعالى أن يؤجِّلَ عذابَهم فيُنظِرَهم حتى تقومَ الساعة: (كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ. لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ. فَيَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ. فَيَقُولُوا هَلْ نَحْنُ مُنْظَرُونَ. أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ) (200- 203 الشعراء). وهذا ظنٌّ لا يُقالُ فيه إلا ما جاءنا به قرآنُ اللهِ العظيم: (فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) (29 الدُّخان). فاللهُ تعالى ما كان ليؤجِّلَ عذابَ مَن جاءَ أجلُه فحقَّ عليه أن يُنزِلَ بساحتِه عذابَه: (وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) (11 المنافقون).