
غلبَت علينا نزعةٌ، وسادَ فينا توجُّهٌ، صوبَ “تحكيمِ القاموس” في لسانِ قرآنِ الله العظيم! فنحن نحتكمُ إلى المعنى القاموسي لكلِّ كلمةٍ تعذَّرَ علينا تبيُّنُ معناها. وهذا مسعىً لا ضيرَ فيه طالما كان الأمرُ غيرَ ذي صِلةٍ بكلماتِ قرآنِ اللهِ العظيم. فإذا كان القاموسُ يشتملُ على كلِّ ما وردَ من معنى بشأنِ هذه الكلمةِ أو تلك من كلامنا، فإنَّ هذا لا يُسوِّغُ لنا أن نلتجئَ إليه نستفتِيه بشأنِ المعنى الذي تنطوي عليه كلماتُ قرآنِ الله العظيم! فكلُّ كلمةٍ من كلماتِ قرآنِ اللهِ العظيم يُحدِّدُ معناها السياقُ القرآني الذي ترِدُ خلاله. فهذا السياقُ هو الذي يُسبِغُ على الكلمةِ القرآنيةِ معناها؛ هذا المعنى الذي لا يصحُّ، ولا ينبغي لنا، أن نظنَّ أنَّ هذه الكلمةَ القرآنيةَ أو تلك تشتملُ عليه بمنأى ومعزلٍ عن هذا السياق! وما أوقعَنا في هذا الذي انتهينا إليه من عجزٍ عن تِبيانِ معنى الكثيرِ من كلماتِ قرآنِ اللهِ العظيم إلا هذا الإصرارُ من جانبِنا على الاحتكامِ إلى القاموس! ولو أنَّنا قصَرنا الأمرَ فجعلناهُ لا يتجاوزُ تدبُّرَ الكلمةِ القرآنيةِ في سياقِها الذي ترِدُ خلاله، لتيسَّرَ لنا الوصولُ إلى معنى كلِّ كلمةٍ من كلماتِ قرآنِ الله العظيم، ولما خرجَ علينا مَن حتَّمت عليه استعانتُه بالقاموس أن يقولَ في معنى كثيرٍ من كلماتِ القرآنِ العظيم ما يتعارضُ مع جملةِ الحقائقِ التي جاءنا بها هذا القرآن!