
يُبالغُ الإنسانُ في تقديرِ عقلِه إذ يذهبُ بعيداً في الظنِّ به غيرَ الحق توهُّماً منه بأنَّه الكائنُ الوحيدُ الذي اختصَّهُ اللهُ وحباهُ بهذا العقل الذي أصبحَ عنده أداةَ التعريفِ به! فهل الإنسانُ حقاً هو “الكائنُ العاقلُ” الوحيد في هذا الوجود، وذلك كما نظنُّ ونتوهَّم؟
يُعلِّمُنا القرآنُ العظيم كلَّ ما هو كفيلٌ بجعلِنا نستيقنُ بأنَّ العقلَ هِبةٌ إلهيةٌ لم يختص اللهُ تعالى بها الإنسانَ وحده! فاللهُ تعالى خلقَ الجنَّ كائناتٍ حيةً عاقلةً أيضاً. صحيحٌ أنَّ الجنَّ لا يملكونَ ما يملكُهُ الإنسانُ من بدَنٍ من بين مكوناتهِ هذا الدماغُ الذي هو مَوطِنُ العقل، إلا أنَّ هذا لا يُجوِّزُ لنا أن نجزمَ بألا عقلَ هناك في هذا الوجودِ غيرَ مرتبطٍ بالدماغ! فالجنُّ كائناتٌ حيةٌ عاقلةٌ وإن لم يكن لها رأسٌ ولا دماغ!
فمتى يرعوي الإنسانُ ويَعي أنَّ في الوجودِ كائناتٍ حيةً عاقلةً غيرَه؟!