
يظنُّ كثيرٌ من الذين يحملون على دينِ اللهِ تعالى بجهالةٍ، وبغيرِ عِلم، أنَّهم مُحِقُّون في إعراضهم عن الإلتزامِ به، وذلك لأنَّه لا يستقيمُ، من وجهةِ نظرهم، أن يُأسِّسَ لبُنيانِه على تخويفٍ وترهيبٍ من النار وترغيبٍ وتحبيبٍ بالجنة! فهل هم مُحقُّونَ في إعراضِهم هذا حقاً؟
يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذا السؤال بالنفي القاطع أن نستذكرَ الحقيقةَ التي مفادُها أنَّ اللهَ تعالى إذ يخوَّفُ عِبادَه من نارِ جهنم، ويُحبِّبُ إليهم جناتِ النعيم، فإنَّ ذلك يرجعُ إلى ما ينبغي علينا أن نأخذه بنظرِ الاعتبار قبلَ أن نُسارعَ إلى القولِ بما يقولُ به هؤلاء. فالإنسانُ، ومن بعدِ أكلِ أبوَيه من شجرةِ الجنةِ التي نهاهما اللهُ عنها، أصبحَ مُلزَماً بأن يختارَ بين سبيلَين لا ثالثَ لهما، شاءَ أم أبى. فلقد نجمَ عن تلكَ الأكلةِ ما جعلَ كلَّ إنسانٍ خارجاً على “النظامِ الإلهي للكون”، خروجاً لا قدرةَ لشيءٍ على أن يُعيدَه إلى الالتزامِ به، كما كان عليه الأمرُ يومَ كان إنساناً في أحسنِ تقويم، إلا التزامُه بما جاءه به دينُ اللهِ تعالى من ضوابطَ ومُحدِّدات؛ فإن هو تديَّنَ بدينِ اللهِ تعالى وفقاً لهذه الضوابطِ والمحدِّدات، فإنَّ ذلك سيجعلُه يعودُ إلى الالتزامِ بالنظامِ الإلهي للكون فينتهي به الأمرُ إلى أن يُزحزحَ عن النارِ ويُدخَل الجنة، وإن هو أخفقَ فسوف ينتهي به ذلك إلى البقاءِ خارجاً على النظامِ الإلهي للكون وبما سيُفضي به بالنتيجة إلى الخلودِ في نارِ جهنم أبدَ الآبدين.