
سألَ سيدُنا إبراهيم عليه السلام اللهَ تعالى أن يُريَه كيف يحيي الموتى، فكان له ما أراد: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٦٠ البقرة).
وسأل سيدُنا موسى عليه السلام اللهَ تعالى أن يريه ينظر إليه، فلم يكن له ما أراد: (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) (١٤٣ الأعراف).
فلماذا أجابَ اللهُ تعالى سيدَنا إبراهيم إذ دعاهُ “رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ” ولم يُجِب سيدَنا موسى إذ دعاهُ “رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ”؟.
يتكفل بالإجابة على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ التي مفادها أن الله تعالى ما كان له أن يفعل شيئاً يتعارضُ مع ما سبقَ وأن حَكَمَ وقَدَّرَ باستحالة حدوثه. فسيدنا إبراهيم إذ سأل الله تعالى أن يريه كيف يحيي الموتى فإن استجابةَ اللهِ تعالى لدعائه عليه السلام لا تستدعي حدوث ما يتناقضُ ويتعارض مع ما سبق وأن حكم الله تعالى وقدَّر باستحالةِ حدوثه. وهذا ما لم يكن عليه الحال مع سيدنا موسى الذي سأل الله تعالى ما إن أجابه إليه كان في ذلك ما يتناقض ويتعارض مع ما سبق وأن حكم اللهُ تعالى وقدَّرَ باستحالة حدوثه.
يتبين لنا، وبتدبر ما تقدم، أن الله تعالى لا يستجيب دعاءً يشتمل على ما يتعارضُ ويتناقض مع ما سبق وأن قضت قوانينُه فحكمت باستحالة حدوثه.