
يُصِرُّ “العقلُ العلمي” على رفضِ قبولِ إمكانيةِ أن يكون هنالك في الوجود ظواهر تستعصي على العلم فتأبى أن تُمكِّنَه من أن يُعلِّلَ لها وفقاً لما تأتَّى له أن يُحيطَ به من قوانينِ هذا الوجود! ولا يحتاجُ الأمرُ منا إلى غيرِ أن نُقدِّمَ لهذا العقل “ظاهرةً خارقةً” واحدة حتى نضطرَّه إلى الإقرارِ، وذلك من بعدِ أن يتسنَّى له أن يتثبَّتَ من أنها “ظاهرةٌ خارقةٌ” حقاً، بأنَّها لا يمكنُ أن تكونَ “حالةً استثنائيةً”، وأنها تقتضي منه بالتالي أن يُعيدَ النظرَ في تصورِه لهذا الوجود إعادةً تُوجِبُها الحقيقةُ التي مفادُها أنَّ حدوثَ هذه “الظاهرةِ الخارقةِ” ينبئُ لا محالة بأنَّ هنالك إمكانيةً لحدوثِ ما ليس بالإمكان إحصاؤه من هذا النمطِ من ظواهر الوجود.
وهذه المقدمة تكفي العاقلَ الحصيف حتى يُدركَ أنَّ واحدةً فحسب من كراماتِ أولياءِ الله في هذا الزمان تكفي لتُقيمَ الحجةَ على “العقلِ العلمي” بأنه قد نأى بنفسِه بعيداً عن “المنهجِ العلمي” الذي بتقيَّدهِ به وُصِف بأنه “عقلٌ علمي”، وذلك يوم أنكر إمكانيةَ أن يكون في هذا الوجودِ من الظواهر ما يخرقُ قوانينَ العلم، ويستدعي وجوبَ أن يُعيدَ النظرَ في تصورِه لهذا الذي هو عليه هذا الوجود، وذلك على قدرِ تعلُّقِ الأمر بما هو جائزُ الحدوث وما “يستحيلُ حدوثُه”. فواحدةٌ من “كرامات الشفاء الخارق”، كما تتجلَّى في السياقات ذات الصلة بالتصوف، تكفي لذلك!