
في منشورٍ سابق عنوانه “هل كونُ المرءِ من الذين خاطبهم القرآنُ بـ “يا أيها الذين آمنوا” يحولُ دون أن يُخلَّدَ في نار جهنم؟” تحدثتُ عن خطأٍ جسيمٍ يقعُ فيه كثيرٌ منا، وذلك إذ نظنُّ ونتوهَّمُ أنَّ كونَ المرءِ من هؤلاءِ المخاطَبين كفيلٌ بأن يدرأَ عنه جهنمَ ويحولَ دون أن يُخلَّدَ في نارِها! فاللهُ تعالى حذَّرَ الذين آمنوا من مغبةِ الانشغالِ بهذه الحياةِ الدنيا عن ذكرِ الآخرةِ ونارِها، وذلك كما جاءتنا به سورةُ التحريم في آيتها الكريمة 6 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ).
ولقد عزَّزت هذا التحذيرَ سورةُ الصف وذلك في آيتَيها الكريمتَين 2 و3 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ). يتبيَّنُ لنا إذاً، وبتدبُّرِ هاتين الآيتين الكريمتين، أنَّ الذين يقولون ما لا يفعلون، من الذين آمنوا، هم الأكبُر مقتاً عند الله.