
لماذا كان في هذا الذي هو عليه الإنسانُ من حالٍ مع اللهِ ما اقتضى أن يُطلِقَ اللهُ حسرةً عليه حفظتها لنا سورةُ يس في الآية الكريمة 30 منها (يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون)؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ ما وردَ في سورةِ التين من تبيانٍ لما كان عليه الإنسانُ يومَ خلقَه اللهُ تعالى في “أحسنِ تقويم”، ولما أصبحَ عليه حالُه مع الله بعد أن ردَّهُ اللهُ “أسفلَ سافلين” جزاءً وفاقاً لما جناهُ من سيئاتٍ حادت به عن صراطِ الذين آمنوا وعملوا الصالحات (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (4- 6 التين).
فلقد خلقَ اللهُ أبانا آدم في “أحسنِ تقويم”. وتكفَّلت خلقةُ أبينا الفريدةُ الاستثنائيةُ هذه بأن يكونَ كلُّ فردٍ من أفرادِ ذريتِه مؤهلاً لأن يلبث في مقامِ خِلقةِ “أحسن تقويم” هذا لو أنَّه كان من الذين آمنوا وعملوا الصالحات. غيرَ أن السوادَ الأعظم من بني آدم آثروا الانصرافَ عن هذا الذي خُلِقوا ليكونوا عليه، فكان أن لازمَهم قدرُ “أسفلِ سافلين” إلى أبدِ الآبدين!