لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم خصوصيةٌ عند اللهِ تعالى شدَّدَ عليها القرآنُ العظيم في مواطنَ منه كثيرة. ولقد فُصِّلت هذه الخصوصيةُ التي حبا اللهُ تعالى بها رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم في هذه المواطن وبما لا ينبغي أن يُصارَ إلى التغاضي عنه وذلك كما دأبَ على القيامِ به كثيرٌ منا! فكثيرٌ منا لا يجدُ أيَّ غضاضةٍ في الاستشهادِ بما وردَ في القرآنِ العظيم من آياتٍ كريمة اختصَّ اللهُ تعالى بها رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم فجعلَها مقصورةً عليه لا تتعدَّاه إلى سواه!
فاللهُ تعالى لم يفتح لغيرِ رسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم “فتحاً مُبينا” حتى يتوهَّمَ أحدُنا أنه هو أيضاً مخصوصٌ بهذا الفتح المبين: (إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا) (1 الفتح)!
وإذا كان اللهُ تعالى قد بشَّرَ رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بما أعدَّه له من فضلٍ عظيم، وذلك وفقاً لِما جاء في الآيةِ الكريمة 5 من سورةِ الضحى (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى)، فإنَّ هذا الفضلَ لا ينبغي أن يطمعَ فيه أحدٌ منا على الإطلاق!
وينسحبُ ذلك على تلك الآياتِ الكريمةِ التي دأبنا على تزيينِ جدرانِ بيوتنا ومكاتبِنا بها ظناً منا وتوهماً أنَّ لنا فيها حصةً ونصيباً! ويكفينا للدلالةِ على ذلك أن نستذكرَ من هذه الآياتِ الكريمة:
1- (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) (من 48 الطور).
2- (وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) (من 113 النساء).
3- (إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا) (من 87 الإسراء).
4- (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (11 الضحى).
5- (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (1 العلق).
6- (وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (من 114 طه)
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، أنَّه لا يجوزُ لنا أن نُشرِكَ أنفسَنا فيما اختصَّ اللهُ تعالى به رسولَه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم فنجعلَ لنا من هذه الخصوصيةِ حظاً. فاللهُ تعالى قد جعلَ لرسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم منزلةً ينبغي علينا أن نقدرَها حقَّ قدرِها فلا نبخسَها بهذا الذي دأبنا على القيامِ به من اعتداءٍ سافرٍ على خصوصيتِه صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم التي انفردَ بها فلم يُشاركه فيها أحدٌ من خلقِ اللهِ أجمعين.