
قد يظنُّ البعضُ أنَّ الأمرَ لا يقتضي من المرءِ غيرَ أن “يعملَ صالحاً” حتى يكونَ من المؤمنين الذين “يعملون الصالحات”. وهذا ظنٌّ لا يستقيمُ مع ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ قولِ اللهِ تعالى: (وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ) (من 19 النمل). فسيدُنا سليمان كان يواظبُ على دعاءِ اللهِ تعالى بأن يُعينَه على عملِ الصالحات التي تُرضيه عنه.
فالعملُ الصالحُ إذاً هو هديةٌ من اللهِ تعالى يُنعِمُ بها على عبدِه الذي استيقنَ قلبُه من أن ليس هنالك من سبيلٍ حتى يصدرَ عنه هذا العملُ الصالحُ إلا بأن يُعينَه اللهُ تعالى عليه. وهذا العونُ هو الذي يُصلِحُ اللهُ تعالى به عملَ العبد ليصبحَ بذلك “عملاً صالحاً”. وإصلاحُ اللهِ لأعمالِ العبادِ مشروطٌ بما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ قولِه تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا. يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (70- 71 سورة الأحزاب).
فالسبيلُ إلى صلاحِ أعمالِنا إذاً هو بأن نجتهدَ حتى نتقيَ اللهَ ونقولَ قولاً سديداً. وليس هناك ما بمقدورِه أن يُمكِّنَنا من هذا الأمر إلا بأن نُطيعَ اللهَ ورسولَه صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم. فإطاعةُ اللهِ ورسولِه صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم إذاً هي السبيلُ إلى صلاحِ أعمالِنا: (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (من 13 النساء).