لعنَ اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم الشيطانَ الرجيم لعنةً جعلَها مأجولةً بقدومِ “يومِ الدين” حيث سيُزَجُّ به حينها في نارِ جهنم مخلداً فيها أبدَ الآبدين:
1- (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. قَالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ. قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) (32- 35 سورة الحِجر).
2- (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ. وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلَى يَوْمِ الدِّينِ) (77- 78 ص).
3- (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ. فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) (16- 17 الحشر).
ولقد لعنَ اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم كلَّ مَن يقتلُ مؤمناً متعمداً لعنةً كتلك التي جرَّها الشيطانُ الرجيمُ على نفسِه بعصيانِه الله تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) (93 النساء).
ولقد بيَّنَ اللهُ تعالى لنا في قرآنِه العظيم أنَّ مَن تحلُّ عليه لعنتُه فلن ينتصرَ له أحدٌ من خَلقِه: (وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا) (من 52 النساء).
غيرَ أنَّ اللهَ تعالى قد بيَّنَ لنا في قرآنِه العظيم أنَّه سيرفعُ لعنتَه عمَّن سبقَ له وأن لعنَه إذا ما صدرَ عنه ما يُنبئُ بتغيُّرِ حالِه مع اللهِ تعالى قولاً وعملاً، وذلك بمقتضى ما شرعَه الله سبيلاً وحيداً لذلك: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ.إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (159- 160 البقرة).
فلعنةُ اللهِ إذاً لا تُلازمُ بالضرورة مَن سبقَ وأن لعنَه اللهُ إن هو اجتهدَ حتى يكونَ حالُه مع اللهِ غيرَ ذاك الذي استوجبَ أن تحلَّ عليهِ بمقتضاه لعنتُه.