في معنى الآيةِ الكريمة “انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا”

نقرأُ في سورةِ الإسراء، وفي الآية الكريمةِ 21 منها، قولَ اللهِ تعالى: (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا). فما هو معنى ” انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ ونتدبَّرَ السياقَ القرآنيَّ الذي وردت فيه هذه الآيةُ الكريمة: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا. وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا. كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا. انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا) (18- 21 الإسراء).
فالمفاضلةُ إذاً هي بين مَن أرادَ العاجلةَ ومَن أرادَ الآخرة. فالذين يريدونَ العاجلةَ هُم الذين يريدونَ هذه الحياةَ الدنيا فحسب، وهؤلاءِ قد كشفَ لنا اللهُ تعالى النقابَ عما أعدَّه لهم من قدَرٍ جزاءً وفاقاً لِما اختاروه سبيلَهم ومنهاجَ عيشِهم: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (15- 16 هود).
وطلابُ الدنيا هؤلاء قد فاضلَ اللهُ تعالى بينهم فرفعَ بعضَهم فوقَ بعضٍ درجات: (أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (32 الزخرف). فإذا كان طلابُ الدنيا هؤلاء يتفاضلون فيما بينهم، فيفضلُ بعضُهم بعضاً بما فضَّل اللهُ تعالى بعضَهم على بعض، فإنَّ التفاضلَ بينهم وبين طلابِ الآخرة سيتجلَّى أيما تجلٍّ يومَ القيامة، يومَ يفصلُ اللهُ تعالى بين الفريقين فيخلِّدُ أحدَهما في النارِ ويخلِّدُ الآخرَ في الجنة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s