في معنى قولِ اللهِ تعالى “وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ”

نقرأُ في سورةِ الصف، وفي الآيةِ الكريمة 5 منها، قولَ اللهِ تعالى: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ). فما الذي قصدَ إليهِ سيدُنا موسى بقولِه هذا؟
يُعينُ على تبيُّنِ الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ اللهَ تعالى لم يؤتِ قومَ نبيٍّ من أنبيائهِ المرسَلين من الآياتِ البيِّنات ما آتى قومَ سيدِنا موسى:
1- (وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ) (50 البقرة).
2- (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (60 البقرة).
3- (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ) (20 المائدة).
ولكنَّ قومَ سيدِنا موسى لم يقابلوا فضلَ اللهِ العظيمَ عليهم بما يقتضيه من وجوبِ التصديقِ برسالتِه التي عانى الأمرَّين جراءَ صدودِهم وإعراضِهم عنها وتشكيكِهم بها ونكثِهم لعهدِهم مع اللهِ تعالى ونقضِهم لميثاقِه الذي واثقَهم به. ولقد تفنَّنَ قومُ سيدِنا موسى في إيذائه عليه السلام، وذلك كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ العشراتِ من آياتِ القرآنِ العظيم التي فصَّلت لهذا الإيذاءِ الذي نهى اللهُ تعالى الذين آمنوا عن الاقتداءِ به في تعاملهم مع رسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا) (69 الأحزاب).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أنَّ ما قصدَ إليه سيدُنا موسى بقوله “يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَدْ تَعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ” بالإمكان إيجازُه وتلخيصُه بالكلماتِ التالية: “يا قومي لِمَ تؤذونَني وقد علمتم علمَ اليقين أني رسولُ اللهِ إليكم، وقد تبيَّنَ لكم ما أيَّدني اللهُ به من الآياتِ البينات المفصَّلات؟!”.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s