
نقرأُ في سورةِ آل عِمران، وفي الآية الكريمة 112 منها، قولَ اللهِ تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُون). فما هو معنى “إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ” في هذه الآيةِ الكريمة؟
ضربَ اللهُ تعالى الذِّلةَ على أعدائِه من قتَلَةِ الأنبياء وجعلَها تلاحقُهم كلما واجهوا عدواً لهم. غيرَ أنَّ اللهَ تعالى، إن شاء، جعلَ لهذا القدَرِ ما يَحولُ دون أن ينفرِدَ بأعدائِه، فيسَّرَ لهم “طَوقَ نجاةٍ”، فإن شاءَ سبَّبَ له من الأسبابِ ما كفَّلَ بها هذا النفرَ من الناسِ أو ذاك، وإن شاء تكفَّلَ هو بالأمرِ من دونِ أسباب. فكما أنَّ اللهَ تعالى قادرٌ على أن يعذِّبَ مَن يشاءُ من عِبادِه بعذابٍ من عندِه أو بأيدي عبادٍ آخرين: (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا) (من 52 التوبة)، فإنَّه قادرٌ كذلك، إن شاء، على أن يكفَّ قدرَه هذا (عمَن سبقَ وأن ضربَ عليهم الذِّلة) بتدخُّلٍ مباشرٍ من لدنه أو بحبلٍ من الناس.