
لنتدبَّر الآيةَ الكريمةَ التالية: (وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا) (15 مريم).
يُلزِمُنا تدبُّرُ هذه الآيةِ الكريمة بألا نقولَ في سيدِنا يحيى ما يتعارضُ مع ما جاءتنا به هذه الآيةُ الكريمة من تبيانٍ للكيفيةِ التي فارقَ بها سيدُنا يحيى دُنيانا هذه. فسيدُنا يحيى ماتَ “بسلامٍ من اللهِ تعالى” ولم يُقتَل بالكيفيةِ التي أوردَها القصَصيون!
كما ونقرأُ في سورةِ مريم، وفي الآيةِ الكريمة 33 منها: (وَالسَّلَامُ عَلَيَ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا).
يُبيِّنُ لنا تدبُّرُ هذه الآيةِ الكريمة أنَّ سيدَنا عيسى هو الآخر ماتَ “بسلامٍ من اللهِ تعالى” ولم يُقتَل بالكيفيةِ التي يزعمُ البعضُ أنَّه قد فارقَ دُنيانا بمقتضاها. وهذا الذي تُلزِمنا بالقولِ به الآيةُ الكريمة 33 من سورةِ مريم أعلاه هو عينُ ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية:
1- (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (55 آل عمران).
2- (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا. بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا) (157- 158 النساء).
3- (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) (116- 117 المائدة).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أنَّ اللهَ تعالى إذ ذكرَ في قرآنِه العظيم أنَّ كلاً من سيدِنا يحيى وسيدِنا عيسى قد ماتَ “بسلامٍ منه”، فإنَّه إنما يُشدِّدُ على الحقيقةِ التي مفادُها أنَّهما لم يُقتلا كما زعمَ البعض.