
نقرأُ في سورةِ الأنعام، وفي الآيةِ الكريمة 2 منها، قولَ اللهِ تعالى: (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ ثُمَّ أَنْتُمْ تَمْتَرُونَ). فما هو معنى “وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ ونتدبَّرَ المواطنَ القرآنيةَ الأخرى التي وردت فيها الكلمةُ القرآنيةُ “عِنْدَهُ” (أي “عِنْدَ اللهِ تعالى”):
1- (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ) (206 الأعراف).
2- (فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ) (38 فُصِّلت).
3- (وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ) (19 الأنبياء).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، وبتدبُّرِ واستذكارِ الآيةِ الكريمة 2 من سورةِ الأنعام أعلاه، أنَّ الإنسانَ تعيَّنَ عليه أن يقضيَ “عندَ اللهِ تعالى” أجلاً محدداً بمدةٍ من الزمانِ لا يعلمُها إلا الله، وأنَّ هذه المدةَ هي تلك التي قضاها آدمُ وزوجُه في الجنةِ “عند اللهِ تعالى”: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِين) (19 الأعراف). ولقد تحتَّمَ على آدمَ وزوجِه أن يخرجا من تلك الجنةِ بعد أن أكلا من هذه الشجرةِ وذلك بعد أن مكثا فيها ذلك “الأجلَ المسمى” الذي أنبأتنا به الآيةُ الكريمة 2 من سورةِ الأنعام أعلاه: (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ) (36 البقرة).