نقرأُ في قرآنِ اللهِ العظيم:
1- (وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى. فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ) (77- 78 طه).
2- (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ. وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ. وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ. ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ) (63- 66 الشعراء).
3- (وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ. آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ. فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) (90- 92 يونس).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّمَ من آياتٍ كريمة، أنَّ خروجَ سيدِنا موسى بقومِه من مصر كان بـ “تدخُّلٍ إلهي مباشر” خُرِقَت به عوائدُ الأمور وعُطِّلَ به ما نعرفُ من قوانينِ العلم التي تقضي باستحالةِ حدوثِ ما فصَّلته لنا وبيَّنته هذه الآياتُ الكريمة. قارن هذه الروايةَ القرآنيةَ الكريمة بتلك التي جاءنا بها نفرٌ من دارِسي “العهدِ القديم” الذين زعموا بأنَّ خروجَ سيدِنا موسى بقومِه من مصرَ لم يكن معجزةً، إذ أرجعوا الأمرَ إلى سابقِ معرفةٍ منه عليه السلام بطبيعةِ الأرضِ المستنقعيةِ الموحِلة التي شهدت ذلك “العبور”! فلقد تفتَّقت عبقريةُ هؤلاءِ الدارسين عن روايةٍ خياليةٍ مفادُها أنَّ سيدَنا موسى عبرَ بقومِه في وقتِ انحسارِ الماءِ جَزراً بينما عبرَ فرعونُ الطاغية وجندُه ذاتَ الأرضِ بعد عودةِ الماءِ إليها مَداً!
يُعينُنا هذا المثالُ على الخلوصِ إلى نتيجةٍ مفادُها أن ليس كلُّ ما يتنافى مع ما يقضي به العقلُ ويقتضيه المنطق هو مما يستحيلُ حدوثُه!