
نقرأُ في سورةِ يوسف، وفي الآية الكريمة 30 منها، قولَ اللهِ تعالى: (وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ).
يحقُّ لنا، ونحن نتدبَّرُ هذه الآيةَ الكريمة أن نتساءلَ إن كان شغفُ امرأةِ العزيزِ بسيدِنا يوسف أمراً مقصوراً عليها فلا يتعداها إلى غيرِها من النساء، أَم أنَّه أمرٌ يتجاوزُ “الخصوصيات” ويتعدَّاها من دونِ أن يستثنِيَ واحدةً منهن؟
تتكفَّلُ الإجابةُ على هذا السؤالِ بتبيانِ العِلةِ من وراءِ شغفِ امرأةِ العزيز بسيدِنا يوسف، وإذا ما كان هذا الشغفُ قابلاً للردِّ إلى ما يُعلَّلُ به شغفُ النساءِ بالرجال.
إنَّ الإجابةَ على هذا السؤال مُتضمَّنةٌ في قولِ اللهِ تعالى: (فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ. قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ) (31- من 32 يوسف). فالأمرُ إذاً لا علاقةَ له بامرأةِ العزيز دوناً عن غيرِها من النساء، كما يظن البعض! فامرأةُ العزيز لم تكن بِدعاً من النساءِ في شغفِها بسيدِنا يوسف الذي أسبغَ اللهُ تعالى عليه من عنده ما يجعلُ من المستحيلِ على أيِّ امرأةٍ ألا يكونَ حالُها معه حالَ امرأةِ العزيز وحالَ نسوةِ المدينة.
فامرأةُ العزيزِ إذاً لم يكن بمقدورِها ألا تفعلَ ما فعلت، وذلك طالما كان اللهُ تعالى قد سبقَ وأن جعلَ شغفَها هذا بسيدِنا يوسف “حلقةً” في سلسلةٍ متصلةٍ من الأسبابِ التي سبَّبَ بها لتمكينِ سيدِنا يوسفَ في أرضِ مصر، واللهُ لطيفٌ لما يشاء.