
نهانا اللهُ تعالى عن السيرِ على خُطى مَن ذكرَهم قرآنُه العظيم في قولِه تعالى: (كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ. الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ) (90- 91 سورة الحجر). فـ “الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ” هم الذين “بعَّضوا القرآنَ” فآمنوا ببعضٍ وكفروا ببعض. ومن تبعيضِ القرآنِ ما يدأبُ على القيامِ به نفرٌ يقرأونَ القرآنَ دون تدبُّرٍ لآياتِه الكريمة، وبما يجعلُهم لا يجدون غضاضةً في اجتزاءِ آيةٍ من سياقِها القرآني والاكتفاءِ بها للتدليلِ على صحةِ ما يزعمون!
ومن ذلك الاكتفاءُ بالآيةِ الكريمة (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) (4 التين) اجتزاءً لها من سياقِها: (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ. ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ. إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) (4- 6 التين).
ومن ذلك أيضاً الاكتفاءُ بالآيةِ الكريمة (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (49 سورة الحِجر) اجتزاءً لها من سياقِها: (نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ) (49- 50 سورة الحجر).
وهذا التبعيضُ لَيُذكِّرُ بتبعيضِ مَن يقرأُ قولَ اللهِ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ) (من 43 النساء) مكتفياً بـ ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ”!!!