في معنى قَولِ اللهِ تعالى “يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَىٰ رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ”

نقرأُ في سورةِ الانشقاق، وفي الآيةِ الكريمة 6 منها، قولَ اللهِ تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ).
يُعينُنا تدبُّرُ هذه الآيةِ الكريمة على تبيُّنِ “المقاربةِ المثلى” للمشكلةِ الإنسانية (The Human Condition). فكلُّ محاولةٍ لِتبيُّنِ علةِ هذه المشكلة، ولتوصيفِ العلاجِ الناجعِ لها، محكومٌ عليها بالإخفاقِ الذريع ما لم تأخذ بنظرِ الاعتبار ما يضطرُّنا هذا التدبُّرُ إلى الإقرارِ به. فالإنسانُ لم يُخلَق لهذا العالَم حتى يكونَ لأيِّ مفردةٍ من مفرداته، أو أكثر، أن تُبيِّنَ لنا “الطريقةَ المثلى” التي يكفلُ التزامُ الإنسانِ بها الخلاصَ مما يوجبُه عليه كونُه إنساناً.
فهذا العالَمُ لم يُخلَق له الإنسانُ حتى يكونَ له أن يحدِّدَ ما الذي يجعلُ الإنسانَ شقياً وما الذي يجعلُه سعيداً! وحدَه اللهُ تعالى هو مَن بمقدورِه أن يُبيِّنَ لنا “السبيلَ الأمثلَ” ليعيشَ الإنسانُ حياتَه دون أن ينغِّصَ عليه ضنكُ عَيش. واللهُ وحدَه هو مَن بمقدورِه أن يُبيِّنَ للإنسانِ ما يتوجَّبُ عليه القيامُ به حتى يكونَ في الآخرةِ من الفائزين؛ هذه الآخرةُ التي لها خُلِقَ الإنسانُ وليس لهذه الدنيا.
فالإنسانُ كادحٌ إلى اللهِ تعالى كدحاً بهذا الذي قُدِّرَ عليه من “مآلٍ” هو العلةُ من وراءِ خلقِه. فالإنسانُ خُلِقَ للآخرةِ وليس لهذه الدنيا. وهذه حقيقةٌ إن نحن لم نقدِرها حقَّ قدرِها فلن يكونَ بوسعنا أن نعرفَ الإنسانَ على حقيقتِه، ولن يكون بمقدورِنا بالتالي أن نصفَ له “الوصفةَ المثلى” التي تكفلُ له السعادةَ القصوى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ. فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ. فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا. وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا. وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ. فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا. وَيَصْلَى سَعِيرًا) (6- 12 الانشقاق).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s