العالَمُ كما يراهُ العِلم هو ليسَ العالَمَ الذي يُعرِّفُنا بهِ القرآنُ العظيم! (١)

الوجودُ، كما يُعرِّفُه العِلم، هو الكونُ الذي تمتدُّ مادتُه في المكانِ امتداداً يحدِّدُه مقدارُ هذه المادةِ التي اختلفَ بشأنِها العلماءُ اختلافاً ليس إلى الخروجِ من معتركِ “تفاصيلِه” من سبيل!
ولأنَّ العلمَ لا قدرةَ له على التعاملِ المعرفي إلا مع “المرأي” و”الملموسِ” و”المحسوس”، وذلك كما تراهُ وتلمسُه وتحسُّه أدواتُه وأجهزتُه، فإنَّه لَمن المنطقي ألا يكونَ بمقدورِ العلمِ أن يتبيَّنَ ما يتجاوزُ حدودَه المعرفية التي فرضتها عليه المدَياتُ التي حُدِّدَت بها حواسُه. ولأنَّ العِلمَ مُحدَّدٌ بأدواتِ إدراكِه هذه، فلم يكن بالمستغربِ إذاً ألا تخطرَ ببالِ رجالِه احتماليةُ أن يمتدَّ “الوجودُ الحقيقي” خارجَ النطاقِ الذي بمقدورِ أجهزتِه أن تتعاملَ معه. فالعلمُ لا قدرةَ له إذاً على أن يُرِيَنا الوجودَ كما يُرِيَنا القرآنُ إياه. فالوجودُ الذي بمقدورِ العلمِ أن يُرِيَنا إياه لا يمثِّلُ إلا “مثقالَ ذرةٍ” من الوجودِ الذي يُعرِّفُنا به القرآنُ العظيم.
فاللهُ تعالى لا يحدَّدُ بخلقِهِ، ولا يُعرَّفُ بدلالةٍ منهم، حتى يتطابقَ الوجودُ كما يراهُ العِلم مع “الوجودِ الحقيقي” الذي يعرّفنا به القرآنُ العظيم. فاللهُ تعالى لا يحيطُ به شيءٌ وهو بكلِّ شيءٍ محيط. ولذلك فمهما امتدَّ الوجودُ، الذي بمقدورِ العِلمِ أن يُحدِّدَه، في المكان، فإنَّ اللهَ تعالى به محيطٌ. فاللهُ تعالى ليس داخلَ الوجودِ حتى يكونَ محدَّداً بهذا الوجود. واللهُ تعالى ليس خارجَ الوجودِ، وإلا لَما كان لهذا العالَمِ وجود!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s