مَعنَيانِ مختلفان لقَولِ اللهِ تعالى “وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ”

نقرأُ في سورةِ المائدة، وفي الآيةِ الكريمة 15 منها، قولَ اللهِ تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ).
كما ونقرأُ في سورةِ الشورى، وفي الآيةِ الكريمة 30 منها، قولَ اللهِ تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ). فهل هناك تباينٌ في المعنى في قولِ اللهِ تعالى “وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ” في هاتين الآيتَين الكريمتَين؟
يتكفلُ بالإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادها أنَّ التطابقَ والتباينَ في المعنى بين نصَّين قرآنِييَن يحدِّدهما السياقُ الذي يرِدُ خلالَه كلٌّ منهما. وبذلك فإنَّ الإجابةَ على السؤالِ أعلاه هي بالإيجاب، وذلك لأنَّ قولَ اللهِ تعالى “وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ” في الآيةِ الكريمة 15 المائدة أعلاه يعني ما مفاده أنَّ اللهَ تعالى قد بيَّنَ في قرآنِه العظيم كثيراً مما كان يحرصُ “علماءُ” أهلِ الكتاب على إخفائه في قراطيسِهم ويحجمُ عن ذكرِ كثير: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُون) (91 الأنعام).
في حين أنَّ قولَ اللهِ تعالى “وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ” في الآيةِ الكريمة 30 الشورى أعلاه يعني ما مفادُه أنَّ اللهَ تعالى يعفو عن كثيرٍ من ذنوبِ عبادِه فلا يعاجلُهم بالعقوبةِ جراءَ ما جنته أيديهم وذلك عفواً من لدنه.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s