
لا يحتاجُ أمرُ تبيُّنِ ما يجتاحُ العالمَ اليومَ من ويلاتٍ وكوارثَ ومصائب كثيرَ تفكُّرٍ وعميقَ تدبُّر! فنشراتُ الأخبار، ومواقعُ التواصلِ الاجتماعي، تبثُّ على مدارِ الساعة من أنباءِ ما أحدثَه الإنسانُ في كوكبِه من فوضى عارمةٍ وفسادٍ كبير ما يكفي ليملأَ القلبَ حزناً وكمَداً وغماً وغيضاً! فهل هذه حقاً هي الأرضُ التي جعلَ اللهُ تعالى أبانا آدمَ فيها خليفة؟! وهل نجمَ عن “خلافةِ الإنسانِ في الأرضِ” إلا ظهورُ الفسادِ فيها: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) (من 41 الروم)؟
ولكن هل يُعقَلُ أن تكونَ حياةُ الإنسانِ على هذه الأرضِ خلافَ ما نرى طالما أنَّه لم يتَّبع هدى الله: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا) (من 124 طه)؟! فالسماءُ لن تجودَ على الإنسانِ ببركاتِها، والأرضُ لن تصبحَ جناتٍ وأنهاراً، مادام الإنسانُ يصرُّ على النأي عن صراطِ اللهِ المستقيم فاراً من اللهِ تعالى عوضَ أن يفرَّ إليه: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) (50 الذاريات).
فالإنسانُ محكومٌ عليه إذاً بأن يشقى، وبأن يُشقِيَ عالمَه الذي يعيشُ فيه ويحيا، ما بقيَ يغذُّ السيرَ بعيداً عن طريقِ الهدى. وليس هناك من سبيلٍ إلى “عالمٍ مباركٍ”، لا يشقى فيه الإنسانُ ولا يضنى، إلا بأن يفرَّ الإنسانُ إلى الله: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (96 الأعراف).