كيف تجاوزت كلٌّ من أمِّ سيدِنا موسى وأمِّ سيدِنا عيسى الصعابَ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ؟

نقرأُ في سورةِ الجاثية، وفي الآيةِ الكريمة 21 منها، قولَ اللهِ تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ). فاللهُ تعالى هو مَولى الذين آمنوا وعملوا الصالحات وهو مَن يتولَّى الصالحين من عِباده ذكراً كان واحدُهم أم أنثى: (وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (من 78 الحَج)، (وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ) (من 196 الأعراف).
فحالُ الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ مع اللهِ تعالى هو ليس كحالِ غيرِهم من البشرِالذين هم عن اللهِ مشغولون وبدُنياهم منشغلون. وهذا ما بيَّنَه لنا القرآنُ العظيم في مواطنَ منه عديدة. فالذين آمنوا وعملوا الصالحات هم “الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا”، وهُم الذين تقولُ لهم الملائكةُ “نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ”. فحياةُ الذين آمنوا وعملوا الصالحات تمتلئُ بما ليس باليسيرِ إحصاؤه من الأدلةِ والشواهدِ على أنَّ اللهَ تعالى هو وليُّهم ومولاهم وهو مَن يتولاهم.
ويكفينا في هذا السياق أن نستذكرَ كيف تدخَّلَ اللهُ تعالى في حياةِ كلٍّ من أمِّ سيدِنا موسى وأمِّ سيدِنا عيسى تدخلاً مباشراً لولاه ما كان لأيٍّ منهما أن تتخطَّى الصعابَ التي اقتضتها مشيئةُ اللهِ حتى يُنجزَ اللهُ وعدَه ويَظهرَ أمرُه. لنتدبَّر الآيةَ الكريمة: (وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (10 القصَص). فهل كانت أمُّ سيدِنا موسى لتتخطى وتتجاوزَ الصعابَ التي اقتضاها أمرُ اللهِ تعالى لها بأن تُلقيَ برضيعِها في النهر لولا أنَّ اللهَ تعالى تدخَّلَ تدخُلاً مباشراً في حياتِها بأن ربطَ على قلبِها؟
ولنتدبَّرَ أيضاً قولَ اللهِ تعالى: (فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا. وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا. فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا) (23- من 26 مريم). فهل كانت السيدةُ مريم، أمُّ سيدِنا عيسى، ليطمئنَّ قلبُها وتقرَّ عينُها فلا تحزن، من بعدِ أن خرجت من المحرابِ على قومِها تحملُ طفلَها، لولا أنَّ اللهَ تعالى تدخَّلَ تدخلاً مباشراً في حياتِها فأجرى سَرِيًّا (غديرَ ماء) غيرَ بعيدٍ عن النخلةِ التي جعلَها تُثمرُ رُطباً جنياً في غيرِ أوانِها؟

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s