
نقرأُ في سورةِ البقرة، وفي الآية الكريمة 78 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّون). فما هو معنى “أماني” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ الحقيقةَ التي كشفَ لنا النقابَ عنها قرآنُ اللهِ العظيم إذ بيَّنَ لنا أنَّ من عربِ مكةَ مَن كان يؤمنُ بالتوراةِ وإن لم يكن بمقدورِه أن يقرأها بلسانِها الأعجمي، فكان يكتفي بترديدِ ما توارثَه عن أهلِه من بعضٍ من آياتِها التي كانوا قد لُقِّنوها من الأحبارِ الذين قاموا بتهويدِهم. فهؤلاءِ العربُ من أهلِ مكة لم يكن بمقدورِهم أن يتبيَّنوا معنى ما يتلونَ ولا يفقهونَ ما كانوا يقولون. فكلُّ حظِّهم من العلمِ بالتوراة كان هذا الذي تلقَّوه من أهلِهم كلماتٍ يردِّدونها في صلواتِهم وعباداتِهم دون أن يفقهوا لها معنى.
فكلمةُ “أماني” في هذه الآيةِ الكريمة تعني إذاً قولاً ليس بمقدورِ قائلِه أن يتبيَّنَ معناه.