
نقرأُ في سورةِ البقرة، وفي الآية الكريمة 53 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ). فما هو معنى “الفرقان” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ ونتدبَّرَ قَولَ اللهِ تعالى في الآية الكريمة 153 من سورةِ النساء: (وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا). فالفرقانُ الذي آتاهُ اللهُ تعالى سيدَنا موسى هو هذا السلطانُ المبين الذي أبطلَ اللهُ تعالى به سِحرَ سَحرةِ فرعون: (فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ. فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ. وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ) (80- 82 يونس).
فالفرقانُ الذي آتاهُ اللهُ تعالى سيدَنا موسى هو مُجمَلُ آياتِ الله التي أيَّده اللهُ تعالى بها على فرعونَ وقومِه، والتي كان عدَدُها تسعَ آيات: (وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ فِي تِسْعِ آيَاتٍ إِلَى فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) (12 النمل). فبهذه الآياتِ التِّسعة تميَّزَ الحقُّ من الباطلِ وافترقا “فرقاناً” مُبيناً.