
نقرأُ في سورةِ الأنعام، وفي الآية الكريمة 112 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ). فمَن هم “شياطينُ الإنس” هؤلاء، والذين وردَ ذِكرُهم أيضاً في الآيةِ الكريمة 14 من سورةِ البقرة (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)؟
يُعينُ على تبيَّنِ الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ للشيطانِ قبيلاً من ذُريَّتِه خُلِقوا من “نارِ السَّموم”، كما وأنَّ له أولياءَ من البشرِ الذين خلقَهم اللهُ تعالى من ترابِ هذه الأرضِ وطينِها: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا) (128 الأنعام).
فاللهُ تعالى نهانا في قرآنِه العظيم عن أن نتخذَ الشيطانَ وذُريَّتَه أولياءَ من دونِه: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا ) (50 الكهف).
فشياطينُ الإنسِ إذاً هم أولياءُ الشيطانِ الذين سمَّاهم اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم “حزب الشيطان”: (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُون) (19 المجادلة). فشياطينُ الإنسِ إذاً هم أولئك الذين وصفت هذه الآيةُ الكريمة حالَهم مع اللهِ تعالى وبما يوجبُ على كلِّ من لا يريدُ أن يكونَ من حزبِ الشيطان أن يحرصَ الحرصَ كلَّه على أن يكونَ حالُه مع اللهِ تعالى كحالِ هؤلاء الخاسرين.