في معنى قَولِ اللهِ تعالى “أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ”

نقرأُ في سورةِ ق، وفي الآيةِ الكريمة 15 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ).
يُعينُ على تبيُّنِ معنى هذه الآيةِ الكريمة أن نستذكرَ ونتدبَّرَ الآيةَ الكريمة 38 من سورةِ ق: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ). والـ “لغوب” هو أدنى قدرٍ من الوهنِ والإعياءِ والنَّصَب. فهذه الآيةُ الكريمة تُبيِّنُ لنا أنَّ اللهَ تعالى، وعلى خلافِ ما زعمَ به بعضُ السابقين، قد خلقَ السمواتِ والأرضَ دون أن يعيى بخلقِهن. وهذا ما بوسعِنا أن نتبيَّنَه بتدبُّرِ قَولِ اللهِ تعالى: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (33 الأحقاف).
فخلقُ السمواتِ والأرض هو على اللهِ تعالى “هيِّن”، وذلك كما هو الحالُ مع خلقِ اللهِ تعالى لأيِّ مخلوق: (يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا. قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا. قَالَ كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا) (7- 9 مريم).
فاللهُ تعالى قد خلقَ سيدَنا يحيى خَلقاً يتعارضُ مع ما يقضي به منطقُ العقلِ وقوانينُ العلمِ الذي بين أيدينا. وهذا هو عينُ ما حدث للسيدةِ مريم التي وهبها اللهُ تعالى ابناً من دونِ أن يمسسها بشر: (قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا. قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّن) (20- من 21 مريم).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s