
حذَّرَ اللهُ تعالى الذين آمنوا من انتهاجِ مِنهاجِ المنافقين الذين يقولون ما لا يفعلون: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُون) (2- 3 الصف). ولذلك شدَّدَ اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم على وجوبِ أن يتَّقِيَهُ الذين آمنوا حقَّ تُقاتِه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) (من 102 آل عمران).
وتقوى اللهِ تعالى حقَّ تُقاتِه هي ليست مما يُعجِزُ فيعسرُ بذلك على المرءِ أمرُ التحلِّي بها: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (من 16 التغابن). فتقوى اللهِ تعالى حقَّ تقاتِه إذاً هي مما يستطيعه المرء، ولذلك أمرَ اللهُ تعالى الذين آمنوا بها، وذلك حتى تقومَ تقواهم على الإتقانِ الذي يُحبُّه اللهُ تعالى، وذلك مصداقَ قَولِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم “إنَّ اللهَ يُحبُّ إذا عملَ أحدُكم عملاً أن يُتقِنَه”.
وتقوى اللهِ حقَّ تُقاتِه هي “تقوى القلوبِ” التي امتدحَها اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم بقَولِه: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) (32 الحج)، وذلك مقارنةً مع “تقوى الألسن” التي يمقتُها اللهُ تعالى أكبرَ المقت، وذلك لأنها لا تصدرُ عن القلوب!