
يزعمُ كثيرٌ من الناسِ أنَّه كان لِعصا سيدِنا موسى قوةٌ خارقةٌ للعادة! وهذا زعمٌ لا ينبغي أن ينطقَ به مَن تدبَّرَ القرآنَ فتبيَّنَت له حقيقةُ هذه العصا. فعصا سيدِنا موسى لم يكن بوسعِها أن تفعلَ شيئاً من خوارقِ العاداتِ وعجيبِ الأمورِ وغريبِها إلا من بعدِ أن أمرَها اللهُ تعالى بذلك، فما كان لها إلا أن تطيعَ أمرَ الذي “أعطاها خَلقَها ثم هدى”.
ويتكفلُ بتِبيانِ الأمرِ على حقيقتِه، وبما يُفنِّدُ زعمَ القائلين بأنَّه كان لِعصا سيدِنا موسى قوةٌ خارقةٌ وقدراتٌ عجائبية، أن نتدبَّرَ الآياتِ الكريمةَ التالية:
1- (قَالَ أَلْقِهَا يَا مُوسَى. فَأَلْقَاهَا فَإِذَا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى) (19- 20 طه).
2- (وَأَلْقِ عَصَاكَ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَانٌّ وَلَّى مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ) (من 10 النمل).
3- (وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ) (117 الأعراف).
4- (فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) (63 الشعراء).
5- (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (60 البقرة).
فعصا سيدِنا موسى لم تفعل ما فعلت إلا من بعدِ أن قالَ اللهُ تعالى لها “كُن فيكون”. وما أن أنجزَت عصا سيدِنا موسى ما كلَّفَها اللهُ تعالى به حتى عادت سيرتَها الأولى: عصا لا فرقَ بينها وبينَ أيِّ عصا أخرى!