
غيَّبت المقاربةُ العقلانيةُ- المنطقية لوقائعِ العالَمِ وأحداثِه الحقيقةَ التي كشفَ لنا النقابَ عنها القرآنُ العظيم الذي لولاه ما علِمنا أنَّ هناكَ إرادةً “فاعلةً” في هذا العالَم لا قدرةَ للعقلِ على أن يفقهَ شيئاً بشأنِها يُعينُه على تبيُّنِ أوانِ ومكانِ تدخُّلِها في هذه الوقائعِ والأحداث! فوقائعُ العالَمِ وأحداثُه لا تخضعُ كلُّها لِمنطقِ العقل حتى يكونَ للإنسانِ أن يقولَ بشأنِها ما تضطرُّه إليه قوانينُ المنطقِ وقواعدُ العقل! فاللهُ تعالى هو “الغالبُ على أمرِه”، وهو “القاهرُ فوقَ عبادِه”: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (من 21 يوسف)، (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) (18 الإنعام).
فإرادةُ اللهِ تعالى إذاً غالبةٌ على أمرِها، قاهرةٌ لكلِّ إرادةٍ سِواها. وإرادةُ اللهِ تعالى تتجلَّى في تدخُّلِه المباشر بقَولِه للشيءِ إذا أرادَه “كُن فيكون” تجلِّيها في جعلِ “أمورِ العالَم” تحدثُ وفقاً لِما سبقَ وأن قدَّرَه اللهُ تعالى لها فسبَّبَ الأسبابَ التي ما كانت لتحدثَ هذه الوقائعُ والأحداثُ لولاها. فالعقلُ يريد، والمنطقُ يريد، و”اللهُ يفعلُ ما يُريد”.