
نقرأُ في سورةِ الأعراف، وفي الآيةِ الكريمة 64 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ). فما هو معنى “قوم عَمين” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذه المعنى أن نتدبَّرَ الآيةَ الكريمة: (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ) (66 النمل).
يتبيَّنُ لنا إذاً، وبتدبُّرِ هذه الآية الكريمة، أنَّ اللهَ تعالى إذ وصفَ قومَ سيدِنا نوح بأنَّهم “كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ”، فإنَّه إنما كان يُشيرُ إلى إصرارِهم على التغافُلِ والتعامي عما جاءهم به سيدُنا نوح من الآياتِ البيِّنات، فكانوا بذلك كآخرين سبقوهم وآخرين جاؤوا من بعدِهم كذَّبوا بآياتِ اللهِ التي جاءتهم بها رسلُ الله، إذ أبصروها بأعيُنِهم واستقينتها قلوبُهم إيقاناً بأنَّها لا يمكنُ أن تكونَ من عندِ غيرِ الله، فلم يزدادوا بهذا الإيقانِ إلا تمنُّعاً وتعنُّتاً وتمسُّكاً بما كانوا عليه من غَيٍّ وضَلال.