
نقرأُ في سورةِ طه، وفي الآيةِ الكريمة 124 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى). فكيف ينبغي لنا أن نفهم قولَ الله تعالى “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا”؟
يُعينُ على تبيُّنِ الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ اللهَ تعالى تعهَّدَ بأن يكفلَ لكلِّ مَن اختارَ “طريقَ الدنيا” ما يُؤمِّنُ له تحقيقَ مُرادِه إذا ما هو جدَّ واجتهدَ وسعى على هذا الطريق الذي لن يجعلَه في الآخرةِ إلا من الخاسرين:
1- (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا) (18 الإسراء).
2- (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ. أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (15- 16 هود).
ولذلك يُخطئُ كلُّ مَن يحسَبُ أنَّ “المعيشةَ الضَّنك”، التي توعَّدَ اللهُ تعالى بها أولئك الذين اختاروا أن يُعرِضوا عن ذكرِه وأن ينشغلوا عِوَضَ ذلك بحياتِهم الدنيا، سوف تتجلى عليه بما يجعلُه يكابدُ شظَفَ العَيش وعُسرَه فَقراً مدقِعاً وعوزاً وعُسراً! فاللهُ تعالى ما قصدَ بـ “المعيشةِ الضنك” إلا ما سوفَ يُضطرُّ إلى مكابدتِه، شقاءً نفسياً و”عناءً روحياً”، كلُّ مَن أعرضَ عن اتِّباعِ صراطِه المستقيم فجعلَه ذلك ألعوبةً تتقاذفُها أهواءُ النفسِ وخبالاتُها! وكلُّنا يعرفُ حقَّ المعرفةِ ما يُعانيه كلُّ مَن أعرضَ عن ذكرِ الله واتَّبعَ هَواه من “فوضى وخواء” يكفينا حتى نتبيَّنَ مدى تمكُّنِهما من الإنسانِ المعاصر أن نُراجِعَ الإحصائياتِ ذاتِ الصلة!