
للمنافقينَ خصوصيةٌ في قرآنِ اللهِ العظيم اكتسبوها بكبيرِ مَقتِ اللهِ تعالى لهم. فالمنافقون “يقولونَ ما لا يفعلون”، وهذا أمرٌ إن حسبَه البعضُ هيِّناً فهو عند اللهِ عظيم: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) (من 15 النور). ولذلك حذَّرَ اللهُ تعالى الذين آمنوا من مغبَّةِ انتهاجِ طريقِ المنافقين الذي هو في حقيقتِه “طريقُ جهنم”: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ. كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ) (2-3 الصف).
ولقد خصَّص اللهُ تعالى سورةً من قرآنِه العظيم تحدَّثَ فيها عن المنافقين وبما يكفي “مَن كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد” حتى يجتهدَ فيعملَ كلَّ ما بوسعِه لئلا يُحسَبَ عند اللهِ تعالى من الذين “يقولون ما لا يفعلون”. وهذه السورةُ هي التي سمَّاها المصحفُ الشريف “سورةَ المنافقون”. وهي سورةٌ يكفينا حتى نتبيَّنَ عظيمَ خصوصيتِها عند اللهِ تعالى أن نستذكرَ ونتدبَّرَ ما يعنيه أن يكونَ خطابُ اللهِ تعالى فيها إلى رسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم لا يبتدئُ بـ “يا أيها النبي”: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ) (1 المنافقون).