
نقرأُ في سورةِ النساء، وفي الآيتَين الكريمتَين 54- 55 منها، قولَ اللهِ تعالى: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا. فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا).
يتحدَّثُ اللهُ تعالى في الآيةِ الكريمة 55 من سورةِ النساء أعلاه عن الكتابِ الذي أنزلَه توراةً وزَبوراً وإنجيلا، وذلك قبل أن يُنزِلَ قرآنَه العظيمَ على سيدِنا محمد صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم. ويُذكِّرُ اللهُ تعالى في هذه الآيةِ الكريمة بما كان من أمرِ مَن أنزلَ عليهم كتابَه بين مؤمنٍ به وصادٍّ عنه. وهذا ليس بالأمرِ المستغربِ على بَني آدمَ الذين سبقَ وأن أنبأَ اللهُ تعالى أباهم آدم بما سيكونُ عليه حالُهم معه:
١- (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (123- 124 طه).
٢- (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (38- 39 البقرة).
فمادامَ الإنسانُ هو الإنسانَ في كلِّ زمانٍ ومكان، فإنَّ الذين أنزلَ اللهُ تعالى عليهم قرآنَه لن يكونوا أفضلَ حالاً ممن سبقهم! فلا عجبَ بعدها أن يكونَ هناك مَن لا يؤمِنُ بهذا القرآن!