“الإبل” و”الذُّباب” في القرآنِ العظيم… دعوةٌ للتفكُّرِ والتدبُّر

توجَّهَ اللهُ تعالى في قرآنِه العظيم إلى الإنسانِ بخطابٍ يدعوهُ فيه إلى إعمالِ عقلِه والتفكُّرِ في خَلقِه. ودعوةُ اللهِ تعالى هذه إلى إعمالِ العقلِ والتفكُّر تتعالى على الزمانِ والمكان، وذلك لأنَّها غيرُ مقصورةٍ على عصرِ تنزُّلِ هذا القرآن. فإذا كان اللهُ تعالى قد توجَّهَ بخطابِه القرآني إلى المشركين، الذين كانوا يؤمنون باللهِ ولكن لا يوحِّدونه، فإنَّ هذا الخطابَ صالحٌ لزمانِنا هذا الذي ما عاد فيهِ أصنامٌ ولا أوثان.
فإذا كان اللهُ تعالى يخاطبُ المشركين من معاصري رسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بآياتٍ من قرآنِه العظيم يُبيِّنُ لهم فيها أنَّ ما هُم عليه من شِركٍ به لَيتنافى مع ما يضطرُّهم إليه التفكُّرُ في خلقِه: (أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) (17 الغاشية)، فإنَّ هذا الخطابَ صالحٌ لزمانِنا هذا الذي نجدُ فيه مَن يجهرُ بالقولِ بأن ليس هنالك ثمةَ حاجةٍ للقولِ بوجودِ الله. فما بين أيدي علماءِ هذا الزمان من العلم عاجزٌ عن التعليلِ للكيفيةِ التي خُلِقَت بها الإبل. وهذا عجزٌ معرفي لا يملكُ هؤلاءِ العلماءُ غيرَ أن يُقِروا به إن أنت اضطررتَهم إلى تبيانِ الكيفيةِ التي تأتَّى بها لهذه الإبل أن ترى النور. فنظريةُ التطور عاجزةٌ عن تقديمِ هذا التبيان وإن قالَ أنصارُها بخلافِ ذلك!
وإذا كان اللهُ تعالى قد تحدَّى المشركين من معاصِري رسولِه الكريم صلَّى اللهُ تعالى عليه وسلَّم بما بوسعِنا أن نتبيَّنه بتدبُّرِ ما جاءتنا به سورةُ الحَج في آيتِها الكريمة 73: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ)، فإن خطابَ “التحدي الإلهي” هذا قائمٌ في زمانِنا هذا قيامَه في ذلك الزمان وإن كان المُخاطَبَ هو أولئك الذين يزعمون بألا ضرورةَ هنالك للقولِ بوجودِ الله! فهل بمقدورِ العلمِ المعاصر أن يتصدَّى لهذا “التحدِّي الإلهي” فيخلقَ ذباباً؟! وهل بمقدورِه أن يستخلصَ ما سلبهُ الذبابُ من طعامِنا فيُرجِعَه كما كان؟!!!
يتكفَّلُ بالإجابةِ على هذين السؤالين أن نتدبَّرَ الآيةَ الكريمةَ التي تَلي آيةَ تحدِّي اللهِ تعالى للمشركين بالذباب هذه: (مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (74 الحَج).

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s