في معنى “الذرية الطيبة” و”الولي الرَّضي” في القرآنِ العظيم

لم يرِد في القرآنِ العظيم ذكرٌ لـ “الذرية الطيبة” إلا مرةً واحدة، وذلك في سياقٍ ذي صلةٍ بقصةِ سيدِنا زكريا: (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء) (38 آل عِمران). فسيدُنا زكريا سألَ اللهَ تعالى أن يهبَه “ذريةً طيبة” وذلك لأنه كان مشغولَ البالِ بمَن سيخلفُه من بعدِه. فسيدُنا زكريا كان يريدُ أن يخلفَه ولدٌ صالحٌ حتى يقومَ على أمرِ هدايةِ “الموالي” من بعده: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (5- 6 مريم).
و”الموالي” هم الرعيةُ التي كان سيدُنا زكريا يتعهَّدُها بالوعظِ والإرشاد وتبيانِ ما بين أيديها من التوراةِ والزَّبور. فلما ظنَّ سيدُنا زكريا أنَّه “غيرُ مقدَّرٍ له” أن يكونَ له ولدٌ من صُلبِه، دعا اللهَ تعالى أن يهبَ له ولياً مُعيناً يصطفيهِ على عينِه ليكونَ أهلاً لأن يقومَ مقامَه من بعدِه. ولقد سألَ سيدُنا زكريا اللهَ تعالى أن يجعلَ هذا “الولي” المُعين “رضياً”. و”الرَّضي” هو الذي يرضى بما قسمَه اللهُ تعالى له فلا يتطلَّعُ لأكثرَ منه، وذلك لأنَّ أمرَ القيامِ بهدايةِ “الموالي” كان يقتضي ألا يكونَ للقائمِ عليه أيُّ تطلُّعٍ لزينةِ الحياةِ الدنيا.
فـ “الولي الرَّضي” عند سيدِنا زكريا كان هو البديلَ عن “الذريةِ الطيبة” التي كان عليه السلام قد سأل اللهَ تعالى أن يهبَه إياها. فالطيِّبُ من بَني آدم هو الرَّضيُّ الذي يرضى بما قسمَه اللهُ تعالى له فلا يخالطُ إرادتَه من خبائثِ النفسِ ما يُعكِّرُ صَفوَها فيضطرُّه ذلك إلى الرياءِ والمداهنةِ، وهاتانِ خصلتانِ ما توافرتا في داعيةٍ إلا وصيَّرتاهُ جندياً للشيطانِ يأتمرُ بأمرِه حتى وإن أمرَ الناسَ بالمعروفِ ونهاهم عن المنكر!

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s