في معنى الآيةِ الكريمة “وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ”

لماذا سألَ سيدُنا زكريا اللهَ تعالى ألا يذّرَه فرداً؟: (وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَى رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِين) (89 الأنبياء). وهل كانَ هذا السؤالُ حِرصاً من سيدِنا زكريا على أن يكونَ له ولدٌ كما يحرصُ الناسُ على أن يكونَ لواحدِهم ولدٌ يحملُ اسمَه من بعدِه؟
يُعينُ على الإجابةِ على هذين السؤالين أن نستذكرَ ونتدبَّرَ الآياتِ الكريمةَ التالية: (كهيعص. ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا. إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا. قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا. وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا. يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) (1- 6 مريم).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ هذه الآياتِ الكريمة، أنَّ ما دفعَ سيدَنا زكريا للتوجُّهِ إلى اللهِ تعالى، يسألُهُ ألا يذرَهُ فرداً، هو حِرصُهُ على القيامِ بما نذرَ له نفسَهُ من تحمُّلٍ لأعباءِ ما يقتضيه أمرُ هِدايةِ وإرشادِ قومِه إلى صراطِ اللهِ المستقيم من إخلاصٍ وتَفانٍ والتزام. فسيدُنا زكريا لم يسأل اللهَ تعالى “الذريةَ الطيبة” إلا ليُعينَه ولدُه على هذا الأمرأما وقد تقدَّمَ به العُمُرُ فلم يعُد بمقدورِه القيامُ بما نذرَ له نفسَه إلا بعظيمِ جُهدٍ وكبيرِ مشقة. ولذلك فإنَّ سيدَنا زكريا لما ظنَّ أنَّه غيرُ مقدَّرٍ له أن يكونَ له ولدٌ من صُلبه سألَ اللهَ أن يبعثَ له ولياً مُعيناً يصطفيه اللهُ ويجتبيه على عينِه.
فالأمرُ إذاً موصولٌ بما نذرَ سيدُنا زكريا له نفسَه وليس كما نظن.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s