
نقرأُ في سورةِ طه، وفي الآيةِ الكريمة 55 منها، قولَ اللهِ تعالى (مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى). فما هو معنى “تَارَةً أُخْرَى” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يُعينُ على تبيُّنِ هذا المعنى أن نستذكرَ الموطنَ الآخرَ من القرآنِ العظيم الذي وردت فيه هذه العبارةُ الكريمة: (أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى) (من 69 الإسراء). فقولُ اللهِ تعالى هذا يُشيرُ إلى البحر الذي وردَ ذِكرُهُ قبلها، وذلك في الآيةِ الكريمة 67 الإسراء: (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْإِنْسَانُ كَفُورًا).
فاللهُ تعالى قادرٌ على أن يُعيدَ أصحابَ السفينةِ إلى البحرِ العاصفِ مرةً أخرى (تارةً أخرى)، فيُغرِقَهم، كما سبقَ وأن مكَّنَ لهم أن يمخروا عَبابَه بسفينتهم أول مرة (تارةً أولى). كذلك فإنَّ اللهَ الذي أخرجَ الإنسانَ من الأرضِ أولَ مرة (تارةً أولى)، إذ خلقَه من ترابِها، قادرٌ على أن يُخرِجَه من الأرضِ للحساب يوم القيامة مرةً أخرى (تارةً أخرى).