
نقرأُ في سورةِ يوسف، وفي الآيةِ الكريمة 3 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآن). فما هو معنى كلمةِ “القَصَص” في هذه الآيةِ الكريمة؟
قد يَعجَلُ البعضُ في الإجابةِ على هذا السؤال، وذلك من دونِ الأخذِ بنظرِ الاعتبار خصوصيةِ لسانِ القرآنِ العربي المبين، فيتدبَّرُ كلمةَ “القَصَص” بقراءتِها بلسانِنا الذي اعوجَّت عربيَّتُه بتقادُمِ الأعوامِ ومُضي السنين، فيزعمُ أنَّ هذا المعنى لا يخرجُ عن حدودِ المعنى الذي تنطوي عليهِ الحكايات والمرويات! وفي هذا ما فيهِ من تجَنٍّ جائرٍ على هذه الكلمةِ القرآنيةِ الجليلةِ التي لو أنَّنا تدبَّرناها في مواطنِ ورودِها الأخرى في القرآنِ العظيم لتبيَّنَ لنا بطلانُ هذا الزعمِ وفسادُه:
1- (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) (من 25 القصص).
2- (إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ) (من 62 آل عمران).
3- (فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (من 176 الأعراف).
يتبيَّنُ لنا إذاً، وبتدبُّرِ هذه المواطنِ كلِّها جميعاً، أنَّ المعنى الذي تشتملُ عليه كلمةُ “القَصَص” في القرآنِ العظيم لا علاقةَ له، من قريبٍ أو بعيد، بالمعنى الذي يتوهمُّه هذا البعض. فكلمةُ “القَصَص” في القرآنِ العظيم لا علاقةَ لها بالحكايات والمرويات، وذلك لأن هذه الحكاياتِ والمرويات ليس لها بالضرورة أن تُقدِّمَ الحقيقةَ الكاملةَ لما حدث، وذلك بالمقارنةِ مع قصَصِ القرآنِ العظيم التي تقصُّ الحقَّ المبين، والتي لا تحتملُ أيَّ تأويلٍ أو تفسير.