
نقرأُ في سورةِ العنكبوت، وفي الآيةِ الكريمة 48 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ). فما هو معنى “كتاب” في هذه الآيةِ الكريمة؟
يظنُّ البعضُ أنَّ هذه الآيةَ الكريمة تُشيرُ إلى أيِّ كتابٍ كائناً ما كان! وهذا ظنٌّ يدحضُهُ ويُفنِّدُه تدبُّرُ السياقِ القرآني الذي وردت خلاله الآيةُ الكريمةُ هذه. فتدبُّرُ الآيةِ الكريمة التي تسبقها يُبيِّنُ لنا أنَّ الأمرَ غيرُ ذي صلةٍ بما يقتضيه ويوجِبُه هذا الظن: (وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ).
فالسياقُ القرآني يُشيرُ إلى ما سبقَ وأن أنزلَهُ اللهُ تعالى من كتابٍ على سيدِنا موسى وسيدِنا عيسى. ويؤكِّدُ ذلك تدبُّرُ الآيةِ الكريمة التي تلي قولَ اللهِ تعالى “وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ”، وهي: (بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ) (49 العنكبوت). فتدبُّرُ هذه الآيةِ الكريمة يؤكِّدُ أنَّ اللهَ تعالى يُشيرُ بقوله “وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ” إلى الكتابِ الذي أنزلَهُ من قبلُ على بَني إسرائيل توراةً وزبوراً وإنجيلاً فحسب.