
نقرأُ في سورةِ هود، وفي الآياتِ الكريمة 69- 72 منها، قَولَ اللهِ تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ. فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لَا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ. وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ. قَالَتْ يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ). فما الذي جعلَ امرأةَ سيدِنا إبراهيم تقول “إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ”؟
يتكفَّلُ بتبيُّنِ الإجابةِ على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ التي مفادُها أنَّ بَني آدمَ كلَّهم جميعاً قد خُلِقوا بعقلٍ يُحكِّمُ ما وقرَ لديهِ على أنَّه “الحقيقة” في كلِّ ما يعرِضُ له؛ فإن خالفَ المعروضُ هذه “الحقيقةَ” فعندها لابد وأن يقولَ ما قالته امرأةُ سيدِنا إبراهيم: “إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ”. فالسيدةُ سارة لم تكن بِدعاً من بَني آدمَ إذ قالت قولَها هذا، وكلُّنا كنا لنقولَ ذاتَ القولِ لو أنَّنا جوبِهنا بما تعرَّضت هي له من “استفزازٍ” لما وقرَ لديها على أنَّه “الحقيقة”. فَمن منا لن يقولَ “إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ” إذا ما قِيل له أنَّ امرأةً عجوزاً ستلِدُ من زوجِها الذي بلغَ من الكِبَرِ عِتياً؟! وهذا هو عينُ ما سينطِقُ به كلُّ إنسانٍ إذا ما “استُفِزَّ” عقلُهُ بما يتعارضُ مع ما وقرَ لديه على أنَّه “الحقيقة”!