أمرَ اللهُ تعالى الإنسانَ بأن يعبدَه، وذلك كما يتبيَّنُ لنا بتدبُّرِ الآياتِ الكريمةِ التالية:
1- (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) (25 الأنبياء).
2- (وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ) (61 يس).
3- (فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) (من 56 العنكبوت).
فلماذا أمرَ اللهُ تعالى الإنسانَ بأن يعبدَه؟
يُعينُ على الإجابة على هذا السؤال أن نستذكرَ الحقيقةَ القرآنيةَ التي مفادُها أنَّ اللهَ تعالى لم يأمر آدمَ بأن يعبدَه عندما أسكنَه الجنة: (وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (19 الأعراف). فالعبادةُ لم تُفرَض على الإنسان إلا من بعدِ أكلِ أبوَيه من الشجرةِ التي نهاهُ اللهُ عنها:
1- (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (من 123- 124 طه).
2- (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) (من 38- 39 البقرة).
يتبيَّنُ لنا، وبتدبُّرِ ما تقدَّم، أن اللهَ تعالى ما أمرَ الإنسانَ بأن يعبدَه إلا لإصلاحِ ما تضرَّرَ في بُنيتِه وكيانِه وكينونتِه جراء أكلِ أبوَيه من تلك الشجرة ليعودَ بذلك إلى ما كان عليه يومَ خلقَهُ إنساناً في أحسنِ تقويم: (وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6) فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (7) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (8)) (سورة التين).